31 ديسمبر 2008
رسالة إلى سفير مصر في سلطنة عمان
لا تعتقد - سعادة السفير - بأن ما قاله بن علوي في تصريحه الصحفي عقب اختتام القمة الخليجية في مسقط سيغير من واقع الحقيقة شيء. ولا تعتقد، أيضا، أن ما قاله الوزير يمثل الشارع العماني أو الشارع العربي، فالسفير هنا يمثل الأقلية الرسمية لا الأكثرية الجماهيرية و الشعبية. فالشارع العماني و الشارع العربي أصبح أكثر إقتناعا من ذي قبل بتواطئ الحكومة المصرية و مشاركتها للجريمة الصهيونية بغزة. وهي و إن كانت في السابق عكاز العرب – كما قال معالي الوزير – فإنها اليوم العمود الضائع في المعادلة العربية الاسرائيلية.
أرجو أن لا تغضب من هذا الكلام، فما أقوله لا يخرج عن إطار الحقيقة التي ظهرت لنا من خلال المواقف المتأخرة لهذا البلد العظيم بشعبه و تاريخه لا بحكومته. سيدي السفير، كل المؤشرات تقول بأن هناك مؤامرة مصرية إسرائيلية قذرة تحاول طمس فكرة المقاومة و إنهاء حكم حماس في غزة، و لا يهمها إن كان ثمن ذلك هو أرواح الأبرياء من المسنين و النساء و الأطفال ما دامت الأحداث تصب في صالح الحزب الحاكم و مباركة الولايات المتحدة الأمريكية له. وقد أكد لنا سيادة الرئيس مواقف مصر عندما قال بأن المعابر لن تفتح إلا بعد عودة الشرعية إلى غزة، ناسيا أن الشرعية الحقيقية هي حماس التي جاءت من خلال صناديق الاقتراع التي لم يشكك في صحتها أحد، و أن الانقلابيون الحقيقيون هم الرافضون لنتائج الانتخابات والساعون لتغييرها بقوة السلاح و التآمر مع العدو الصهيوني، أي عباس و فياض و من سار في فلكهم.
أحاول سيدي السفير أن أبحث لكم عن مبررات و أسباب، ولكنني كلما تعمقت أكثر كلما أدركت كم أن حزبكم الحاكم غارق في غيه و ضلاله و استهتاره بأرواح الغزيين الشرفاء، بل اكثر من ذلك و أسوأ هو محاولة تبرير ما تفعلونه بأنه في صالح القضية الفلسطينية وهو ليس كذلك لأسباب ستأتي في متن هذه الرسالة.
تقول المعادلة بأن صديق صديقي صديقي، و صديق عدوي عدوي. وهذه المعادلة و إن كانت محاولة لتبسيط قضايا كبيرة غير أن لها معاني عميقة في توضيح استراتيجيات التحالفات و العداوات بين الدول. فمثلا، أن يبارك بوش دور مصر في هذه الازمة، مع العلم بأن الأمريكان بالذات شدوا علي أيدي الإسرائيلين و قالوا لهم: امضوا فيما أنتم فيه و نحن من ورائكم نكف عنكم ضغوطات المجتمع الدولي، يعني بكل بساطة أن دور مصر كان يصب في مصلحة الحتلال الصهيوني لا في مصلحة الاشقاء الفلسطينيين!
هذا من جانب، ومن جانب آخر أود تذكيركم بتهديدات وزير خارجيتكم – وهو بالمناسبة يفتقر لكل أنواع الدبلوماسية التي يتحلى بها وزراء الخارجية في العام – عندما قال: سنكسر أرجل الفلسطينيين إذا ما حاولوا دخول مصر عن طريق رفح! و أذكرك بقيام أجهزتكم الاستخباراتية باعتقال كوادر حماس في محاولة لانتزاع اعترافات منهم حول مكان الجندي الاسرائيلية الأسير جلعاد شاليط! و أذكرك بقصة منع دخول المساعدات إلى الفلسطينيين عندما كانوا في أمس الحاجة إليها! بل و منع وصول الامدادات الغذائية لمناطق الحدود في رفح لكي لا يجد الفلسطينييون ما يشترونه بحر مالهم إذا ما تجاوزا المعابر! ولا تنس سيدي السفير تهديدات ليفني في مصر ووقوف أبو الغيط بجانبها كشيطان أخرس لا يحركه امتهانها لكرامة مصر وكرامته شخصيا في أخزى و أسوأ مشهد يمكن لمصري أن يراه في حياته ... وزيرة خارجية العدو تهدد إخوان العروبة و الإسلام دون أن يكون هناك من يردعها أو يرد عليها!
الحديث يا سعادة السفير ذو شجون، وقد تركت عامدا الكثير من الأحداث لكي لا أطيل عليك و أنا أعلم ما بك من غيض اتجاه ما تقرأ، ولكن ثق بأن ما تقرأه يمثل رأي الغالبية العظمى من هذه الشعوب التي كانت تتوقع من مصر الإسلام و مصر العروبة موقفا يختلف جذريا عما اتخذته من مواقف خلال السنوات القليلة الماضية. وليكن في علمك سعادة السفير أننا نتمنى انقلابا في مصر ... لا انقلابا ضد الحكومة – ولو أنه خيار ربما لا مفر منه إن استمررتم بنفس الخط المريب هذا – ولكن الذي أقصده هو انقلابا في المواقف و انقلابا في الاستراتيجية، فلا نظنكم – كحزب حاكم – جاهلون مدى الضرر و العار الذي ألحقتموه بأنفسكم من خلال هذه القراءة الخاطئة لما سيخلفه دوركم السلبي في هذه الأزمة. فكل المؤشرات و كل القراءات تقول بأنكم الخاسر الأكبر مما يحصل، لأن خسارتكم ليست مقتصرة على خسارة ثقة الشارع الفلسطيني فقط، ولكنها أيضا خسارة للعمق الحقيقي الذي تستطيعون الاستناد إليه إن انقلبت الموازين و تغيرت الوقائع السياسية على الأرض.
27 نوفمبر 2008
ألم يحن وقت المظاهرات بعد ؟!
لم يدر في خلدي أن يأتي اليوم الذي تلام فيه الشعوب على سلبيتها التامة في التفاعل مع قضايا الأمة الكبيرة، و قضية فلسطين تحديدا، لارتباطها الوثيق بعاطفة المسلم و عقيدته. نعم، أتفهم أن لا يتحرك الحكام إزاء ما يدور في غزة فليس ذاك بغريب على أنظمة لا تملك أمرها. ولكن أن يطال الصمت و السلبية إلى شعوب بأكملها فهذا ناقوس خطر علينا قرعه بشدة ... و ربما قسوة إن اقتضى الأمر!
كانت انتفاضة الأقصى الثانية و مقتل محمد الدرة ثم إيمان حجو على أيدي القوات الصهيونية سببا مباشرا لمظاهرات انطلقت من جامعة السلطان قابوس في نهاية عام ٢٠٠٠ و منتصف عام ٢٠٠١. وكان الشارع العماني متفاعلا مع هذه المظاهرات و متلهفا للمشاركة فيها كونها كانت المتنفس الحقيقي للتعبير عن حالة الغضب العارم و المشاركة العاطفية و والوجدانية مع شهداء فلسطين و أهلها الذابون عنها. فكان الشيخ الكبير يمشي جنبا إلى جنب مع الشاب و الطفل و المقعد، الكل يصرخ و يهتف "سحقا سحقا يا يهود جيش محمد سوف يعود" أو يصيح "بالروح و الدم نفديك يا أقصى" دون كلل أو ملل، رغم المسافات الطويلة التي كانت تتخذها مسارات هذه المظاهرات. بل حتى النساء شاركن أزواجهن و أبنائهن و آبائهن في هذه المسيرات!
كانت شرارة المظاهرات في الخليج بدأت في عمان، ثم انتقلت إلى البحرين و السعودية و الامارات وقطر تباعا. كم مظاهرة خرجت من رحم الجامعة، وكم مظاهرة سيرت في شارع الوزارات وانتهت بصد المتظاهرين ومنعهم من الاقتراب من السفارة الأمريكية، و كم مظاهرة خرجت بعد محاضرة لسماحة الشيخ عندما كانت فلسطين هي لب الحديث. حتى النساء كان لهن نصيب من هذا الحراك حين نظمن مظاهرة نسوية ضد الاعتداءات الصهيونية على مخيم جنين!
كانت الرسالة إلى المجتمع الدولي واضحة: لن نرضى بالوقوف صامتين أمام الجرائم الإسرائيلية و الصمت العربي ... فتفاعلت الأنظمة مع هذا الحراك وهذه العواطف، فأغلق مكتب التمثيل التجاري لإسرائيل في عمان في التفاتة رائعة من سلطان البلاد إلى العاطفة التي ملأت كل بيت عماني. وتغير بعدها دور شرطة مكافحة الشغب من الضرب بالهراوات و الغاز المسيل للدموع في أول مظاهرة إلى محاولة لتنظيم المظاهرات و المتظاهرين و إخلاء الشوارع لهم! وقامت الجرائد من عثرتها على استحياء لتنشر أخبار هذه المظاهرات في الصفحة الأولى بدلا من الاعراض عنها وتجاهلها رغم ما كانت تبثه القنوات الفضائية عنها!
فأين ذهبت تلك الحمية التي أصابت عمان من أقصاها إلى أقصاها آن ذاك؟! هل أعمتنا بهارج الدنيا و زخرفها و زينتها عن رؤية المصيبة الجاثمة على صدور أبناء غزة؟ هل ماتت ضمائرنا فشحت النفوس ولو بكلمة مؤازرة و انتصار واحدة؟ أين اختفت تلك المشاعر الجياشة التي أبكت كثيرا من النساء و الرجال وهم في بيوتهم يتمنون أن لو كانوا مع المتظاهرين ؟ كم من هاتف كان يُرفع وسط هذه الجموع لنقل الهتافات التي كانت تخرج بصوت رجل واحد لكي يشارك أهل بيته هذه الانتفاضة!
ثقافة التعبير عن الرأي من خلال المظاهرات سمة حضارية تستخدمها كل شعوب الأرض، وهي الطريقة الامثل لإبقاء النفوس حية و متفاعلة مع ما يدور في العالم، وقد تكون الطريقة الوحيدة لإخبار شعب فلسطين بأن ما يصيبهم يؤرقنا كما يؤرقهم و يؤلمنا كما يؤلمهم، وأننا لا نرضى أن نقف مكتوفي الأيدي و مليون و نصف المليون فلسطيني محاصر و يواجه خطر الموت جوعا أو مرضا. إنها رسالة العواطف يا سادة في وقت يحتاج فيه أهل غزة إلى من يتعاطف معهم، وهي رسالة الغضب لتعلم الانظمة بأن عليها أن تتحرك بما عندها من إمكانيات، وهي أخيرا رسالة الإنذار ليعلم الصهاينة بأننا شعوب ما زالت حية!
12 نوفمبر 2008
حوار الأديان و ثقافة السلام
انتهى قبل قليل شيمون بيريز من إلقاء كلمته في مؤتمر حوار الأديان الذي دعا إليه الملك عبدالله بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية. ولا أبالغ إن قلت بأن إسرائيل قد حققت من خلال هذا المؤتمر ما لم تحققه منذ معاهدة السلام مع مصر. فها هو رئيس "دولة" إسرائيل يقف أمام عدة رؤساء عرب، ويوجه خطابا مباشرا إلى ملك السعودية، الذي استمع بإنصات إلى "رسول المحبة و السلام" شيمون بيريز، دون أن ينسحب كما نصت البرتوكولات العربية الغير معلنة!
وصف بيريز مثوله في قاعة واحدة أمام عدة رؤساء عرب لا تربطهم بإسرائيل اتفاقية سلام بأنه "حدث محوري" في تاريخ المنطقة و مستقبلها، وما لم يذكره بيريز - الذي رصع كلمته بحكم و أمثال تدعو إلى السلام و نبذ العنف - هو أن هذا الحدث هو المشهد الأشد خزيا و الأكثر عارا في جبين كل الدول العربية التي رضيت بالمشاركة في ظل الظروف الذي تعاني منه غزة الجريحة. ولم يقل بيريز أيضا بأن الهجوم الإسرائيلي الذي أوقع أربعة قتلى في صفوف المقاومة الفلسطينية صباح هذا اليوم هو جزء لا يتجزأ من رسالة إسرائيل في مؤتمر حوار الأديان مفاده أن هذه المؤتمرات لا تعني لهم شيئا البتة، و أن الحاضرون من العرب و زعمائهم لا يساوون جناح بعوضة عندها.
سأتجاوز رسالة إسرائيل و خطاب بيريز، و أتجاوز مهزلة تمثيل بيريز و ليفني ليهود العالم في هذا المؤتمر، فالمأساة يا سادة أكبر من هذا الخطاب وذلك التمثيل، إذ يبدو أننا نعاني خللا مركبا في العقلية التي تسير السياسة العربية في هذا العصر، أو ربما هو خلل في ضمير الأمة التي سمحت لشرذمة أن توصلنا إلى ما وصلنا إليه من ذل و مهانة. فما معنى أن تتبنى السعودية هذا المؤتمر و تسعى إليه و تدعو فيه إسرائيل في وقت يتعرض فيه أهل غزة إلى أبشع أنواع الحصار في العصر الحديث؟ كيف ظن العاهل السعودي أن يمكن الحديث عن السلام مع إسرائيل وهناك أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية ؟ ناهيك عن الجراح التي ما تزال تثعب دما، و الأرامل و الأيتام الذين لم تجف دموعهم بعد! كيف يمكن للملك أن ينسى مؤتمر أنابوليس الذي لم يجف حبر بيانه الختامي إلا و المستوطنات الإسرائيلية تكاد تقضي على ما تبقى من الضفة!
لو أتى هذا الحوار في ظروف أخرى، في أوج الانتفاضة الثانية مثلا أو بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حينما ساءت سمعة المملكة العربية بسبب الاتهامات المتعاقبة لها بنشر ثقافة العنف و الكراهية و تصدير الإرهاب، لكانت القراءة مختلفة ولتفهمنا سبب الدعوة لحوار الأديان. أما وقد جاءت في ظل الظروف الحالية فلا أستطيع فهم المكاسب الاستراتيجية التي ستكسبها الدول العربية عموما و السعودية خصوصا من هذا المؤتمر ؟! اللهم إلا إن كانت هذه المسرحية تهيئة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، تحت مظلة التسامح بين الأديان!
يبدو أن علينا أن نهيء أنفسنا لمرحلة جديدة لا نستغرب أن نرى فيها أعلام الصهاينة ترفرف في أراضينا. بل وعلى المقاومة الفلسطينية أن تتهيأ أيضا، إذ يبدو أنها ستضطر أن تواجه فيها الدولة العبرية لوحدها دون أن يكون لها سند في المحافل الدولية و الجامعة العربية. نحن مقبلون على مرحلة قد لا تنزف فيه دماء كثيرة، ولكن حتما فإن الكثير من كرامة الأمة العربية و الإسلامية ستزول، وسيكون غسل دماغ الشعوب بثقافة "السلام" الهم الأكبر للأنظمة العربية، ولن أستغرب إذا جاء اليوم الذي يسأل فيه الإبن أباه: أبتاه، ما معنى المقاومة؟ ولماذا يقاتل الإرهابيون إخواننا اليهود؟!
27 أكتوبر 2008
الجانب الآخر ... من القمر!
عندما قرأت خبر وفاة الشاعر محمود درويش، انتبهت إلى شيء عجيب، وهو أنني لا أعرف عنه إلا اسمه. فلا أذكر أنني قرأت له نصاً أو شعراً، ولا أذكر أن سيرته كانت من بين السير التي درستها، فكيف إذن عرفت أنه شاعر؟ وأن شعره يعتبر مدرسة بحد ذاتها؟
لا أدري!
أثارني هذا، وتحمست لما قرأته من مقالات تأبينية مطولة عن شاعرنا، فقررت البحث عن محمود درويش الشاعر والسياسي والانسان، فكانت النتيجة هي أنني اكتشفت الجانب الآخر من القمر، الجانب المظلم الذي لا يراه الانسان بعينه المجردة، ولم يره من بين كل ذي عينين سوى القليل ... أو هكذا تبدّا لي الأمر.
عُرف عن محمود درويش في الستينات و السبعينات بأنه شاعر المقاومة، وكان هو ومجموعة أخرى من شعراء المقاومة، يشكلون أحد الأسس الثقافية التي استندت عليها المقاومة الفلسطينية . فكانوا - كما يقول أحد النقاد - "رافداً ثورياً مواكباً للأحداث وخالقاً لمعالم الإبداع الشعري في أدب الالتزام الثوري". فكان إلتزامهم بالعمل المقاوم في تلك الفترة - شعراً و نثراً - هو الذي طبع في أذهن الناس بأن محمود درويش هو شاعر المقاومة، وأن المقاومة كانت رافده الشعري والنثري.
ولكن هل استمر الشعر المقاوم في أدبيات درويش؟
انتسب محمود درويش في أحد فترات حياته إلى "الحزب الشيوعي الاسرائيلي" و عمل محررًا لصحيفتي الاتحاد و الجديد وهما من صحف الحزب، وعمل محرراً في صحيفة راكاح التي كان يصدرها ذات الحزب. كان محمود درويش "يسارياً" في مواقفه السياسية، وكان منادياً بالتعايش "السلمي" بين الفلسطينيين واليهود، ولم يخف أبدا أنه من الداعين لحل الدولتين وقد نادى بذلك صراحة عام 1988 من خلال إعلان "الاستقلال الفلسطيني". وحتى معارضته لاتفاق أوسلو في عام 1991 لم يكن اعتراضاً على مبادئ الاتفاق الأمنية والإدارية المبرمة، ولكنه كان اعتراضاً على مساحة الحرية التي أعطيت للإنسان الفلسطيني من خلال الاتفاق، فكانت القطيعة المؤقتة المعروفة بينه وبين ياسر عرفات.
تغير المشهد الفلسطيني مع بدء الانتفاضة الفلسطينية الأولى في نهاية الثمانينات، وأصبحت المقاومة الفعلية على الأرض بقيادة الحركات الإسلامية. سحبت حركتا حماس والجهاد بساط المشهد الثوري المقاوم من تحت أقدام الآخرين الذين انسحبوا تماماً من المشهد مع اتفاقية أوسلو في عام 1991م. فهل واكب محمود درويش هذا التطور شعراً؟
يقول بعض النقاد بأنه لم يساير المتغيرات التي طرأت على الساحة، وكانت أيديولوجيته السياسية سبباً في إعراضه عن ذلك عمداً. فمحمود درويش، مع إيمانه السابق و تقديسه المعلن للعمل المقاوم والثورة والشهادة، قد كان يساريا في فكره و شيوعيا في انتمائه الحزبي. وعلى سبيل المثال، فإن درويش لم يكتب شيئاً عندما استشهد أهم رموز المقاومة الفلسطينية الإسلامية أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وأبو على مصطفى وغيرهم، فهم في رأيه يمثلون "الظلام" و"الرجعية" ويستندون إلى أيديولوجيا لا تتناغم مع ما يؤمن به.
وحتى عندما كتب درويش عن محمد الدرة، فإن شعره لم يكن بتلك القوة التي تناسب لقبه كشاعر للمقاومة، بل كان - كما يقول أحد النقاد - تصويراً للمأساة "دون التدخل المباشر في إنشاء قصيدة الفعل المقاوم".
تقاطع السياسة بالأديولوجيا والأديولوجيا بالنص شكل تحدياً ليس لدرويش وحده ولكن لكثير من الأدباء الذين يسخّرون أقلامهم نصرة لقضية يؤمنون بها. وفي المشهد الفلسطيني فإن التحول المفاجيء بين أديولوجيا ونقيضها -وكلاهما ينتصر للقضية نفسها- قد شكلت بالفعل تحدياً كبيراً لشعراء المقاومة وأولهم محمود درويش. غير أن درويش للأسف الشديد رجّح كفة الأديولوجيا على كفة القضية، فأشاح بوجهه عن المقاومة الفعلية، وهذه -في رأيي- سقطة ما كانت تليق بشاعر المقاومة، ولم أجد ما يسوغها له.
٢١ أغسطس ٢٠٠٨
22 أكتوبر 2008
حوار أدبي مع عبدالرحمن منيف - {الجزء ٢}
لست من أولئك الذين يدعون أنهم يستحضرون الأرواح! ولكنني أعترف بأنني أجريت هذا الحوار بعد ٤ سنوات بالضبط من وفاة الروائي المبدع عبدالرحمن منيف! كان ذلك في الثالث و العشرين من يناير لعام ٢٠٠٨، في منتدى الحارة العمانية.
الجزء الأول من هذا المقال كان سردا لمحطات في حياة منيف. أما هنا، فالمقال حوار، وهو حوار استقيت أجوبته مما كتبه منيف في بعض كتبه. أسئلتي كانت تدور حول الرواية العربية وما يتعلق بها، ولم أتطرق لشيء غير هذا.
فإلى المقدمة و نص الحوار ....
***
كلما اشتكى أحد بأنه لا يحب القراءة، تكون نصيحتي المعلبة و الجاهزة دوما: "إبدأ برواية"!
أعود إلى عبدالرحمن منيف...
ما أهمية الرواية كصنف أدبي أو إنتاج فكري وما هي عوامل نجاح الرواية؟
(الرواية لم تعد سحبات خيالية، و إنما غدت تُؤسَّس على معرفة بالمجتمع و بفضاءاته المتنوعة، ولا أتصور أن تنجح الرواية دون فهم البنى الاقتصادية و الاجتماعية ودون معرفة، ولو بسيطة، بعلم النفس. فالروائي الذي يجلس بمعزل عن الناس و عن الحياة اليومية، مهما كان بارعا، يخرج برواية شعرية لها نمط معين ممكن أن تكون قوية في التعبير بالصور و بالدلالات الخاصة لكنها لا تتناول المجتمع و لا تتناول الحياة بصخبها و تناقضاتها و مشاكلها و همومها. فالرواية أصبحت هي القاطرة التي تشد الثقافة العربية في المرحلة الحالية، وما زالت هذه القاطرة في بدايات انطلاقتها وما زال أمامها فرص غير محدودة من أجل أن تتطور و تنمو و تجرب. على أن هم الروائي ينبغي ألا يكون شكليا فحسب، و إنما هم مركب فبمقدار ما أنا مهتم باللغة كصيغة تركيب، أجدني، أيضا، أهتم بالموضوع و المرحلة التي أعمل عليها و بالقوى و العناصر التي أتوجه إليها. طبعا المتعة ضرورية، فأنا شخصيا أتمتع بكتابة الرواية إلا أن متعتي و متعة الآخر هي في أن أقدم عملا ناضجا بعيدا عن الشعارات المباشرة مشغولا بهدوء، تماما مثل الحرفي الذي ينسج بغزل ناعم. فمن المهم أن تصل المتعة إلى القارئ فلذلك احرص أن تكون ثمة نوع من التوازي أو التكافؤ بين المرسل و المرسل إليه، رغم أن المتلقي شخص مجهول. فالأيام و الأسابيع التي يقضيها المرء في قراءة مدن الملح ، مثلا، ينبغي أن تقدم للقارئ متعة من نوع معين و فائدة.)
هل يستمتع منيف في كتابة الرواية ؟
( طبيعي لولا المتعة الموجودة فيها لكان جميع الروائيين هجروها. إنها ليست سهلة. لكنها مثل الحُب، الحب تعاني فيه أحيانا، غير أنه يولد شعورا بالغبطة الداخلية فيه الكثير من التعويض، كما أن في استجابة القارئ تعويض.)
كيف تتحدد أهمية "الشخصية" في الرواية ؟
(إن أهمية الشخصية في الرواية لا تقاس و لا تحدد بالمساحة التي تحتلها، و إنما بالدور الذي تقوم به. وما يرمز إليه هذا الدور. و أيضا مدى الأثر الذي تتركه في ضمير القارئ، مما يدفعه للتساؤل و المقارنة، تمهيدا لتصويب موقفه، في الواقع، و بالفعل، تجاه هذا الموضوع الأساسي.أما اعتبار الكم، سواء من حيث المساحة أو العدد، الأساس في استنتاج الموقف، ثم الحكم عليه، فكثيرا ما يؤدي إلى فهم خاطئ، وبالتالي إلى نتائج خاطئة. لأن الشخصية الواحدة، وبعض الأحيان اللحظة الواحدة في تصرف الشخصية، يمكن أن تغني عن العدد الكبير و المساحة الشاسعة، ليس ذلك فقط، إن صمت الشخصية في اللحظة المناسبة، وبعض الأحيان غيابها، أكثر اهمية ودلالة من الكثافة المجانية.)
كيف يرى منيف بطل الرواية ؟
( لقد تراجع، إذا لم أقل انه انتهى، بالنسبة لي، البطل الفرد، البطل الذي يحتل كامل المسرح، وإذا وجد آخر فمن أجل خدمة دوره أو إظهار عبقريته. أصبح للبطولة، بالنسبة لي، مفهوم آخر و دور مختلف، يمكن أن ألخصه بما يلي:البطل هو الشخص الضروري، في الوقت المناسب، والذي لا يُغني عنه أي شخص آخر، أيا كانت المساحة التي يشغلها، أو الوقت الذي يستغرقه وجوده.البطل هو الشخص الذي يتصرف بطريقة لا يستطيعها غيره، أن يعبر عن موقف، يعطي مثلا، يقول كلاما هاما ... كل ذلك في اللحظة الضرورية الحاسمة. وليس البطل ذلك "المخلوق المصنوع" الذي يبدوا حكيما و قويا و قادرا في كل وقت، ولا مانع من أن يتصف بخفة دم و اللباقة عند الحاجة!إن بطلا من هذا النوع أحد بقايا العصور الوسطى، أو صناعة أمريكية للتصدير إلى البلدان المتخلفة في المرحلة الحالية. وهذا البطل، إضافة إلى أنه غير موجود، يولّد أوهاما و تشويشا، كما أنه يشغل وقتا فسيحا، لكنه لا يعني شيئا في النهاية، ومن الجدير بالرواية أن تتفاداه إذا أرادت أن تعبر عن الحقيقة و عن الحياة الفعلية الموّارة بالبطولات الصادقة التي تستحق الاهتمام و الالتفات، بدل العيش في الوهم)
هل لنا بأمثلة على ما تقول من رواياتك يا منيف ؟
( "مرزوق" في رواية "الاشجار و اغتيال مرزوق"، أحد المحاور الهامة التي تنهض عليه الرواية، علما أن هذا "البطل" لا يحتل في الرواية كلها أكثر من بضعة سطور.
أما في رواية "الشرق المتوسط" فإن البطل الحقيقي امرأة، هي الأم، رغم المساحة المتواضعة التي تشغلها، ورغم الضجة التي يحدثها الرجل.
وفي "سباق المسافات الطويلة" تحتل إمرأة، وليس المرأة، مساحة كبيرة، لكن تبدو في النهاية كدمية، ولا تتعدى أن تكون ممثلة لدور كلفها به الرجال.
أما في "مدن الملح"، الجزء الأول، وهذا يلخص الكثير مما أريد أن أؤكده، فإن بعض شخصيات الرواية، رغم المساحة المحدودة التي تشغلها، تحدد موقفا و تلخص فكرة، فمتعب الهذال يغيب في الربع الأول من الرواية، لكن وجوده، وكثافة هذا الوجود، يظلان طاغيين، حتى ارتأى الكثيرون ضرورة حضوره و استمراره، وكذلك الحال بالنسبة لزوجته، وضحة، فحين دخلت في الصمت الكبير، كانت أكثر بلاغة في التعبير، وأكثر جرأة في الفعل، إذ حلت مكان متعب، وشغلت القسم الاكبر من دوره، كل ذلك جرى في ظل الصمت الذي فُرض عليها أو أرادته.)
09 أكتوبر 2008
العدالة الاجتماعية في الإسلام - ٢
من الواقع التاريخي في الإسلام - ١
من المهم أولا أن نفهم رؤية قطب للبطولات التي صاحبت الشخصية الإسلامية في مختلف مراحلها... يقول قطب: "هناك ما يصح أن نطلق عليه باطمئنان : ((روح الإسلام))!" ... وهذا الروح هو السر الذي أنجب للإسلام "كل هذا الحشد من الشخصيات العجيبة".... "هذا الروح هو الذي يرسم الأفق الأعلى الذي يتطلب الإسلام من معتنقيه أن يتطلعوا إليه، و أن يحاولوا بلوغه، لا بتنفيذ الفرائض و التكاليف فحسب، ولكن بالتطوع الذاتي لما هو فوق الفرائض و التكاليف"...... "أما دراسة هذه البطولات و الخوارق مفرقة، دون وصلها بهذا المنبع الأصيل٫ فأخشى أن تكون ناقصة و مضللة عن الحقائق الأساسية في الكون و الحياة، برجعها سر عظمة كل شخصية إلى عبقرية خاصة بها، و إهمال الروح الأول المشع المؤثر، ذلك الروح الذي مس أرواح الأبطال، كما مس عجلة الزمن، وطبائع الأحداث، و دفعها جميعا في تيار حي قوي جياش، تنغمر في لجه العبقريات و الوقائع و الأحداث"
.
بعد هذا يستوقفنا قطب للحديث في "شأن آخر أعمق في ضمير الإسلام" وهو "اليقظة الدائمة التي يفرضها الإسلام على ضمير الفرد، و الحساسية المرهفة التي يثيرها في شعوره". ثم يذكر لنا نماذج متفرقة للتدليل على هذه اليقظة، فيذكر لنا ماعز و المرأة الغامدية و "الباعث القوي الذي غلب في أنفسهما على رغبة الحياة". ثم قصة عزل خالد بن الوليد عن إمارة الجيش في الشام - وهو الذي لم يهزم في معركة قط - و كيف تلقاها بروح المؤمن المحتسب "فبقي في المعركة بالعزيمة ذاتها"، ومن جانب آخر الباعث الذي جعل عمر بن الخطاب يأمر بهذا الأمر، فقد "أخذ على خالد في خلافة أبي بكر أشياء ثار لها ضميره، وهاجت له حساسيته" وهو تسرع خالد في قتل مالك بن نويرة و إعراسه بإمرأته و أيضا زواجه من ابنه مجاعة في حرب مسليمة الكذاب و قد قتل ألف و مئتين من خيرة الصحابة.
يقف سيد وقفة مطولة لمناقشة ما قاله هيكل في كتابيه "الصديق أبو بكر" و "الفاروق عمر" حول اختلاف الرأي بينهما في إبقاء خالد أو عزله، إذ يرى هيكل "أنه كان اختلافا في السياسة التي يجب أن تتبع في هذا الموقف" فعمر "يرى أن خالدا عدا على امرئ مسلم، ونزا علة امرأته قبل انقضاء عدتها، فلا يصح بقاؤه في الجيش حتى لا يعود لمثلها فيفسد أمر المسلمين" و أما أبو بكر " فكان يرى أن الموقف أخطر من أن تقام لمثل هذه الأمور وزن" ... ثم يرد قطب على هذه المقولتين و تفصيلهما فيقول:"هذه قولة رجل لم تمس روحه روح أبي بكر ولا روح عمر، ولم تستطع حياته في جو الإسلام فترة أن تنتزعه من ملابسات القرن العشرين، وما فيه من التواءات و احتيالات و انتهازات فرص على حساب الضمير أو حساب الحق أو حساب الدين". ثم يدافع عن عمر و أبي بكر "مثل هذا قد يصنعه ملوك بني أمية أو ملوك بني العباس، ويعده الناس منهم دهاء و سعة حيلة، فأما عمر فلا، وأما أبو بكر فلا كذلك. وإنما يظن بعضهم بهما هذا الظن لضحالة روح العصر و هبوط مقاييسه و معاييره!"
ويستمر قطب في ذكر نماذج علو الروح الانسانية في ضمير المسلم، فيصور لنا مشهد عمر بن الخطاب و هو يحمل قربة ماء على ظهره في السوق، وعندما يسأل يقول "أعجبتني نفسي فأحببت أن أذلها". ثم يذكر علي بن أبي طالب "وهو يرعد من البرد في الشتاء، ثم قصة أبو عبيدة مع جنده في عمواس و قد أصابها الطاعون فيرفض أن يترك جنده لننجاة بجلده .... وكلها أمثلة للتأكيد على حياة ضمير أولئك الأوائل، وكيف فعل الاسلام فيهم فعلته، فكانوا خير أمة أخرجت للناس!
.
أما عن نماذج العدالة الاجتماعية في الإسلام، فقد أورد قطب عدة موضوعات رئيسية منها انبثقت هذه النماذج، وهذه الموضوعات هي:
ولم تقتصر النماذج على العصر الذهبي أو الذي يليه كما قد يتبادر إلى الذهن، بل اشتملت على نماذج متفرقة من التاريخ الإسلامي منذ عصر النبوة إلى التاريخ القريب من عصرنا هذا. وكل هذه النماذج تشير إلى أن الخير باق في الأمة، ولكن نحتاج لمن يبرزها للناس لكي تتطلع نفوسهم إلى بلوغ ذلك العلو الذي وصل إليه ليس الصحابة فحسب، ولكن أناس مثلهم حولهم و بينهم، وصلوا إلى ما وصلوا إليه بضميرهم الإسلامي اليقظ الحساس!
***
في الجزء الثالث من هذا المقال ستكون القراءة منحصرة في المنطقة المحظورة من التاريخ الاسلامي كما ذكرت من قبل، و سيتركز الحديث حول سياستي الحكم و المال بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم. وقد وجدت هذه الصفحات المتبقية أكثر حرارة من غيرها، لأن سيد قطب خالف فيها بعض المسلمات التي سلمت بها بعض الفرق الاسلامية في قراءتها للتاريخ الإسلامي. بل إن آرآء قطب التي سنذكرها في الجزء الثالث كانت بابا لهجوم شرس على سيد قطب نفسه!
فما الذي قاله قطب ؟ و لماذا أغضب رأيه علماء السلفية الحديثة تحديدا ؟ هل في كلامه مخالفات حقا ؟ أم أن رأيه المضبوط البنيان و القوي الحجة شكل خطرا على ما حاول "وعاظ السلاطين" على مر التاريخ رسخه في العقل الجمعي للمسلمين؟
هذا ما سنقرأه سويا في الجزء الثالث من هذه القراءة ...
25 سبتمبر 2008
العدالة الاجتماعية في الاسلام - 1
العدالة الاجتماعية في الاسلام ، كتاب مهم للعقلية المسلمة المعاصرة، العقلية التي استيقظت و لا يوجد في العالم - باتساع رقعته - تطبيق حقيقي للعدالة الاجتماعية بالمفهوم الاسلامي لهذه العدالة. وليس بعيد أن يستوي قارئ الكتاب بعد إتكاء، وأن يفتح عينيه بعد إغماض، استغرابا مما سيقرأ بين طيات هذا الكتاب! ولا أراني مبالغا فيما أقول، فسياسة الحكم و سياسة المال - محوري العدالة الاجتماعية الأبرز - قد إنحرفا عن النهج الإسلامي منذ وقت مبكر في تاريخ هذه الأمة، وتحديدا منذ استلام بني أمية للخلافة، وبقي كما هو على مر العصور ليترسب في ذهن المسلم بأن التشريع في هذه القضية منعدم أو غير صالح لواقعنا المعاصر. وهو ما سيفنده المفكر الإسلامي "سيد قطب" كما سنرى من خلال هذه القراءة المتأنية لما بين دفتي الكتاب.
.
من حيث الطرح فإن الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام أساسية، القسم الأول يبين فيه المؤلِف سبب المؤلَف. و القسم الثاني يحتوي على الفصول التأصيلية لفكرة العدالة الاجتماعية من المفهوم الإسلامي لها. أما القسم الثالث فقراءة في واقع التاريخ الاسلامي، ما له وما عليه، وكيف حادت الأمة عن الجادة مع بقاء "روح الاسلام" في الضمير العام و ظهوره بين الفينة و الأخرى.
***
يشن سيد قطب في الفصل الأول: الدين و المجتمع بين المسيحية و الإسلام هجوما شديدا على فئتين من الناس، الفئة الأولى تدعي بأن الاسلام هو دينها و لكنها تُقصي هذا الدين من حياتها العملية، والفئة الثانية تدعي بأن الدين مخدر للشعوب ليس إلا. فيرد سيد قطب هاته المقولتان بالدعوة إلى الرجوع إلى نشأتهما ... "ذلك أن قصة العزلة بين الدين و الدنيا لم تنبت في العالم الإسلامي، ولم يعرفها الاسلام، وقصة تخدير الدين للمشاعر لم تكن يوما وليدة هذا الدين، ولم تعرفها طبيعته".
..
فيأخذنا إلى القرون الماضية لنرى كيف نشأت المسيحية في ظل الإمبراطورية الرومانية وكيف أن المسيحية "لم تتمثل هنالك قط في نظام يهيمن على الحياة كلها، و يربط ملكوت الأرض بملكوت السماء" بسبب طبيعة حياة الرومان الذين ورثوا الحضارة الإغريقية المادية الوثنية، فلم يستسيغوا فكرة الدين و ولم يرو أصلحيته للحياة "فقالوا: إن الدين صلة ما بين العبد و الرب".
..
ثم تطورت المسيحية إلى "سلطة مقدسة تملك رقاب الناس في الدنيا و في الآخرة" ، حتى جاء عصر الإحياء في أوروبا وتقتحت الأذهان مما شكل خطرا جسيما على سلطة الكنيسة فقامت تكمم الأفواه وإحراق العلماء، "ومن هنا كانت الجفوة بين الدين و العلم، وبين الكنيسة و الفكر، في حياة الأوروبيين!"
..
ثم تطورت الحياة "و تضخمت رؤوس الأموال، و أصبح في ميدان العمل معسكران منفصلان: معسكر أصحاب رؤوس الأموال، ومعسكر العمال"، فانضمت الكنيسة إلى معسكر رأس المال، و استخدمت الدين لتخدير الطبقات الكادحة و تصدها عن الثورة لحقها. "ومن هنا كان العداء الجاهر الصريح بين الشيوعية و الدين".
..
ثم يقارن سيد قطب هذه النشأة وهذا المسار بنشأة الإسلام ومساره و طريقته، فيوضح لنا أولا كيف أن الإسلام و الحياة جزءان لا يتجزءان عن بعضهما البعض، فالإسلام "لا يعد العبادة فيه هي مجرد إقامة الشعائر، إنما هي الحياة كلها خاضعة لشريعة الله". ثم يبين بأن الإسلام "لا كهانة فيه و لا وساطة بين الخلق و الخالق" و بالتالي "فلا صراع بين علماء الدين و السلطان على رقاب العباد و لا أموالهم" كما كان الحال بين الأباطرة و البابوات.
..
وبعد هذا التبيان، فإن قطب يحدد بدقة السبب الذي من أجله كتب الكتاب، وهو الرد على كل من يدعي بأن النظام الاجتماعي في الاسلام لا يصلح إلا في العصر الذي نزل فيه القرآن. و سنرى و إياكم صدق هذا الادعاء من كذبه في الفصول القادمة..
قبل الولوج في طبيعة العدالة الاجتماعية يقوم سيد قطب بالحديث عن التصور الإسلامي للألوهية و الكون و الحياة و الإنسان "فليست العدالة الاجتماعية إلا فرعا من ذلك الأصل". والتصور الإسلامي الصحيح عند قطب "لا يلتمس عند ابن سينا أو ابن رشد أو الفارابي وأمثالهم ممن يطلق عليهم وصف (فلاسفة الاسلام)، ففلسفة هؤلاء إنما هي ظلال للفلسفة الإغريقية غريبة في روحها عن روح الإسلام".
.
وفي هذه المقدمة الخاطفة عن طبيعة العلاقة بين الخالق و الخلق، و طبيعة العلاقة بين الكون و الحياة و الانسان، وطبيعة العلاقة بين الانسانية مع بعضها البعض: أفرادا و جماعات و أجيال ... يبين لنا بأن العلاقة بين الخالق و الخلق هي "الارادة المباشرة التي تصدر عنها المخلوقات جميعا، فلا واسطة بينها من قوة أو مادة". و أما العلاقة التي تجمع بين الانسان و والكون و الحياة فهي علاقة تناغم و تكامل"فليس الكون عدوا للحياة ولا عدوا للإنسانية ... وليست وظيفة الأحياء أن يصارعوا الطبيعة". وأما علاقة الانسانية فهي "وحدة تفترق أجزاؤها لتجتمع، وتختلف لتتسق، وتذهب شتى المذاهب لتتعاون في النهاية بعضها مع بعض، كي تصبح صالحة لتتعاون مع الوجود الموحد".
.
أما عن طبيعة العدالة الاجتماعية في الاسلام، فهي ليست مقصورة على التساوي في الرزق، بل "إن العدل المطلق يقتضي أن تتفاوت الأرزاق". وذلك لأن الاسلام ينظر إلى العدالة "نظرة شاملة لكل جوانب الانسانية و مقوماتها، وليست مجرد عدالة اقتصادية محدودة". فهناك إذن قيم أخرى غير الاقتصاد ينظر إليها الاسلام و يحسب لها حسابها و يجعلها هي الميزان الذي توزن به العدالة بين الناس.
.
ثم ينتقل قطب إلى أسس العدالة الاجتماعية في الاسلام، وهي ثلاث، أولها: التحرر الوجداني، من عبادة أحد غير الله فلا يملك أحد على الانسان غير الله سلطان. ونتيجة هذا الايمان أن الفرد لن "يتأثر بشعور الخوف على الحياة أو الخوف على الرزق أو الخوف على المكانة ... وهو شعور خبيث يغض من إحساس الفرد بنفسه" بل لا يجوز شرعا "أن يُذل الاسترزاق رقاب الناس، فإنما رزقهم بيد الله، و بيد الله وحده!". و التحرر الوجداني يشمل كذلك التحرر من عبودية القيم الاحتماعية، كقيم المال و الجاه و الحسب و النسب. فهي قيم قد تشل حركته وقد تزرع فيه شعورا بالعبودية أو شعورا بالاستعلاء، وكلا الشعورين يختفيان عندما يعلم الفرد بأن هذه القيم ليست من وحي السماء ... بل القيمة الحقيقة هي التقوى ... ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)). وأخيرا فعلى الفرد أن يتحرر من شهوات النفس و لذاتها، وهذه ليست دعوة للزهد في الحياة كما يتوهم البعض فذاك "تفسير المحترفين من رجال الدين في عصور الاستبداد لتنويم الشعور العام، وكفه عن المطالبة بالعدالة الاجتماعية" وإنما "دعوة للتحرر و الانطلاق من ضعف الشهوات و الغرائز٫ ثم لا ضرر بعد ذلك من الاستمتاع بالحياة حين يملكها الانسان و لا تملكه".
.
وثاني أسس العدالة الاجتماعية في الاسلام هو: المساواة الانسانية. فقد جاء الاسلام ليقرر "وحدة الجنس البشري في المنشأ و المصير، في المحيا و الممات، في الحقوق و الواجبات، أمام القانون و أمام الله، في الدنيا و الآخرة، لا فضل إلا للعمل الصالح، ولا كرامة إلا للأتقى". وينطبق هذا الكلام على المساواة بين الجنسين، فقد كفل الاسلام للمرأة "مساواة تامة مع الرجل من حيث الجنس و الحقوق الإنسانية، ولم يقرر التفاضل إلا في بعض الملابسات المتعلقة بالاستعداد أو الدربة أو التبعة". وكذلك "فإن للجنس البشري كله كرامته، التي لا يجوز أن تستذل".
.
أما عن ثالث أسس العدالة فهو: التكافل الاجتماعي. "فللمجتمع مصلحة عليا لا بد أن تنتهي عندها حرية الأفراد" و الاسلام يقرر "مبدأ التكافل في كل صوره و أشكاله. فهناك التمافل بين الفرد و ذاته، وبين الفرد و أسرته القريبة، وبين الفرد و الجماعة، وبين الأمة والأمم، وبين الجيل و الأجيال المتعاقبة أيضا".
.
و بعد هذه الاسس فإن قطب ينقلنا إلى فصل جديد للحديث عن وسائل العدالة الاجتماعية في الاسلام. وهي وسيلتين أساسيتين: أولهما الضمير، فجاء الاسلام يهذب هذا الضمير و يغذيه و يوجهه إلى الغايات الأسمى للوجود. وثانيهما التشريع، الذي من خلاله ينتظم أمر المجتمع. وضرب لنا مثلا في الزكاة للتدليل على كيفية استخدام الاسلام لهاتين الوسيلتين للوصول إلى العدالة الاجتماعية الحقة.
.
***
بعد تأصيل المنهج، يأتي الحديث عن سياسة الحكم و سياسة المال في الإسلام...
.
أما عن سياسة الحكم، فبعد التقرير على أن الحاكمية لله وحده، ولا أحد سواه، ومن ثم التقرير بأنه المشرع وحده، دون سواه: فإن الحكم في الاسلام بعد هذا قائم على الأسس التالية: "العدل من الحكام، والطاعة من المحكومين، والشورى بين الحاكم و المحكوم". و أفرد قطب لكل واحد من هذه الأسس بضع صفحات، و قد ذكر فيما ذكره بأن "ليس هناك مبرر لأن يفهم أحد أن الحكم في الإسلام يحتاج إلى أكثر من تنفيذ الشريعة الإسلامية، بعد إفراد الله سبحانه بحق الحاكمية"، وبرهن على أن ليس للحاكم حق زائد في "الحدود، ولا في الأموال، وليس لأهله حق فيها غير ما لرجل من عامة المسلمين" وهو كلام مهم، خاصة حينما نرى ما نراه من بذخ و سوء تصريف للأموال من قبل حكامنا المعاصرين، وكأن المال مالهم لا مال الله الذي استُخلفوا فيه و حُملوا أمانته... و لكن ليست هذه هي الإشكالية ... المصيبة هي أن ينجح هؤلاء في تخدير العامة وإيهامهم بأن هذا هو حقهم المشروع ... وهو في الإسلام ليس كذلك!
.
وأما عن سياسة المال، فقد شرع الاسلام حق المال على الفرد وهو لا يتجاوز الزكاة عندما تكون الدولة الإسلامية في غنى عن غيره، "ثم جعل للإمام الحق في أن يأخذ بعد الزكاة ما يمنع به الضرر، و يرفع به الحرج، ويصون به المصلحة لجماعة المسلمين، وهو حق كحق الزكاة، عند الحاجة إليه". ومن جانب آخر فقد وجه الاسلام النفس إلى بذل ما هو أكثر من الزكاة "فقد حبب إلى الناس أن ينسلخوا من كل مالهم، و ينفقوه كله في سبيل الله". وأسهب قطب في الحديث عن الملكية الفردية و فريضة الزكاة، وأخيرا ختم الفصل بالحديث عن الفرائض في المال التي تجب غير الزكاة.
.
***
.
وهكذا ينتهي التأصيل للعدالة الإجتماعية من منظورها الإسلامي، و ينتهي الحديث عن سياستي الحكم و المال في الإسلام ... وننتقل بعدها إلى قراءة للواقع التاريخي، ومدى اقتراب الأمة و ابتعادها عن النهج والشرع الذي منَّ الله لها به!
.
وحتى لا يطول الموضوع كثيرا فيصيب القارئ بالسآمة و الملل، وحتى أعطي ما تبقى من الكتاب حقه من الحديث، فقد اخترت أن أفرد له رسالة منفصلة عسى أن أوفق في إكمالها قبل العيد.
21 سبتمبر 2008
الصـــراع الأبـــدي
13 سبتمبر 2008
عـبـدالـرحـمـن منـيـف (1933 - 2004) {الجزء الأول}
.
***
كانت تلك مقدمة لا بد لي منها لأبين سبب العلاقة الحميمية التي تجمعني بهذا الكاتب الكبير، و السبب الذي يجعلني أحتفي به بعد مرور أربع سنوات على وفاته، وهي كلمات لا توفي حقه و لا تصور ما شعرت به حقا ولكنها بضاعة مزجاة لتلك المشاعر الجميلة، وعرفانا بقدر الروايات التي قرأتها و كاتبها الذي برع في التأليف الروائي.
***
ولد عبدالرحمن منيف - لأب و أم نجديان - عام 1933 في مدينة عمّان بالأردن ونشأ فيها و ترعع إلى أن أكمل دراسته الثانوية. و يبدو أنه قد ربطته علاقة وثيقة جدا بهذه المدينة - بعد ذلك بفترة - فقد كتب كتابا حول "سيرة مدينة" حيث كانت عمّان محور الكتاب و موضوعه. وفي حواره الأخير كان قد سُئل عن مدى ارتباطه بعمّان في تلك الفترة، فقال:" في هذه الفترة التي نتحدث عنها, كان من الصعب أن يكون للإنسان ارتباط حقيقي بعمّان، فهي كانت أقل من أن تربط الناس و كانت الروابط الأخرى، الخفية ربما، هي الأقوى كالأسرة و العشيرة و المكان الذي قدم منه الناس و الأقرباء الذين كانوا يشكلون الإطار العام".
بعد عمّان، انتقل منيف إلى العراق عام 1952 ليكمل دراسته الجامعية ولكنه طرد منها:"غادرت بغداد في ديسمبر من عام 1955 وكنت في السنة الثالثة في كلية الحقوق. و للتوضيح، قبل ذلك بفترة وجيزة، في الصيف و بعد توقيع حلف بغداد، ألقي القبض علي مع مجموعة من الطلاب العرب ممن كان عليهم ملاحظات أو كانوا مناوئين للسلطة، و أودعنا السجن لبضعة شهور ثم طردنا بشكل جماعي"
كان منيف من أولئك الذين يرفضون السلطة بأي شكل من الأشكال ويناوؤن الأنظمة الظالمة مهما تقربت منه تلك السلطة و تلك الأنظمة، و ذلك لارتباط السلطة - بشكل عام - بالقهر و التعذيب و الديكتاتورية."كنا نخاف من السلطة كسلطة و نحاول جاهدين أن نبقى على مسافة منها"
بعد بغداد انتقل منيف إلى القاهرة ليكمل دراسته و منها إلى بلغراد ليحصل على شهادة الدكتوراه في اقتصاديات النفط. عمل في دمشق و من ثم في لبنان، ثم رجع مرة أخرى إلى العراق عام 1975م. بعدها غادر منيف إلى فرنسا عام 1981 ليكرس نفسه للكتابة. وكانت محطته الأخيرة دمشق التي بقي فيها من عام 1986 حتى جاءته المنية في مثل هذا اليوم عام 2004.
10 سبتمبر 2008
زمن الخيول البيضاء
The Day of the Jackal
13 مارس 2008
رأي الوطن - مجاملات أم جهل بالأحداث؟!
أود أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى أنني لست من دعاة الرأي الواحد و القطب الواحد، فلكل الحق في تبني وجهة النظر التي يؤمن بها، و الدفاع عنها و الانتصار لها. و الخلاف في الرأي - دون أن يفسد الخلاف الود - صورة من صور الوعي الحضاري، وهي ظاهرة صحية للشعوب الحية المتفاعلة و الفاعلة في الساحة الفكرية و السياسية و الاجتماعية. ولكن ليكون لأي وجهة نظر مصداقية فعليها أن تكون واقعية في الطرح و بعيدة عن المجاملات الرسمية ، وفوق هذا أن تكون قائمة على حقائق لا أوهام.
طالعتنا الوطن في افتتاحيتها البارحة مقالا بعنوان "حذار من الفخاخ الإسرائيلية"، و أنا أتفق مع ما جاء في المقال من تحذير من الفخاخ الإسرائيلية و لا أختلف مع الوطن حول هذه النقطة. ما أثار إستيائي هو أن الافتتاحية ضمت مغالطتين كبيرتين في حق الشارع المهتم بما يجري في الساحة الفلسطينية. و المغالطتين قد يكونا مجاملة رسمية و تبني للخط السياسي الرسمي و إما جهل بالأحداث و ما يجري على واقع الأرض. وفي كلا الحالتين هي مصيبة لجريدة من المفترض أن تكون متحررة فيما يصدر لها من آرآء حول ما يجري في الساحة الدولية - ناهيك عن الساحة الداخلية و لكنه موضوع آخر- وهي مصيبة أكبر إن كانت -كمؤسسة- لا تستطيع الإستفادة من قاعدتها البيانية و إستخراج وتقصي آخر ما استجد من أحداث ومعلومات.
تقول الوطن وهي تتكلم عن قادة فتح و رئيسها محمود عباس: ( وهم ايضا القادة الشرعيون للسلطة الوطنية الفلسطينية). و تقول أيضا: (فمن باب التذكير فقط يمكن القول ان هذه المساعي الاسرائيلية المشبوهة لتعميق الوقيعة بين فتح وحماس ستبوء بالفشل مع قادة حماس كما باءت بالفشل مع قادة فتح.فلن تنسى اسرائيل ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض اكثر من مرة استخدام العنف ضد حماس، وذلك على الرغم من الإغراءات الاميركية بإمداده بالسلاح والمال والعتاد اللازم لذلك)
في الأولى مجاملة صارخة و في الثانية جهل بالتقرير الصادر عن مجلة "فانيتي فيير" الأمريكية و التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك ضلوع عباس و من معه في حرب حقيقية و قذرة ضد خيار الشعب الفلسطيني. فمن المعلوم أن حماس هي التي فازت بثقة التشريعي و هي التي فازت في أحقية تمثيل الحكومة الفلسطينية. و لكن لأن خيار الشعب الفلسطيني - الديموقراطي - لم يعجب الغرب و العرب و عباس على حد سواء، فقد شاركوا جميعا في محاولة إقصاء حماس عن السلطة. ومن المعلوم أيضا أن حرب الحصار على غزة - حينما لفظت حماس قادة الفتنة خارج القطاع - كانت محاولة فاشلة لإرجاع قادة الفتنة وعلى رأسهم دحلان إلى غزة ليعيثوا فسادا كما فعلوا من قبل، من قتل على الهوية و مصادرة لحق المقاومة الشرعية. هذا فضلا عن قتل الشيخ مجدي البرغوثي عن طريق تعليقه من رجليه رأسا على عقب بأيدي حرس عباس شخصيا.
الخلاصة هو أن القيادة الشرعية للسلطة الفلسطينية ليست لعباس فقط ولكن لحماس أيضا كسلطة تشريعية من خلال المجلس التشريعي و كسلطة تنفيذية من خلال الحكومة الفلسطينية التي سُلبت منها سلبا، و أن عباس - وقادة إنقلابه - ضالعون في عملية تصفية حماس الجسدية وغارقون في القتل على الهوية.
هناك مغالطات أخرى - وحسنا في الظن نضعها في إطار الجهل بما يجري في الساحة - منها أن عباس قد تلقى إغراءات من أمريكا و الدولة العبرية بإمداده بالسلاح و العتاد لمحاربة حماس. فما زعمت الوطن أنها إغراءات هو في الواقع أمر حاصل و قد قبل به عباس - أسلحة تقدر قيمتها بملايين الدولارات- وقبل إستخدامها مستشار الأمن القومي الفلسطيني و رأس الفتنة الحاصلة في فلسطين محمد دحلان، بل و كانوا قد شرعوا في تدريب عناصرهم و تسليحها إستعدادا لسحق حماس عسكريا في غزة و إقصائها من السلطة لولا تنبه قادة حماس و حسمهم للأمر في صالح خيار الشعب الفلسطيني .
أنا لا أرضى للوطن هذه الزلة، وهي الجريدة العمانية الأقرب إلى الشارع العماني. فإستقلال الجريدة عن الخطاب و المجاملات الرسمية سيعطيها مصداقية أكبر، و لو على الساحة الخارجية إبتداء. ثم قربها من الحدث العربي الإسلامي الأهم في قلوب الجماهير و الاهتمام بآخر المستجدات الفلسطينية و فرزها و إبرازها سيكون له أثر إيجابي في تبني وجهات نظر هي أقرب إلى الواقع.
سعيد المسكري
٥ ربيع الأول ١٤٢٩ هـ
١٣ مارس ٢٠٠٨ مـ
الحارة العمانية