لا أجد اليوم ما أستطيع أن أعبر به عن قرفي من النظام المصري الحاكم. هؤلاء ليسوا خونة وجبناء فقط ولكنهم وحوش فقدوا كل مشاعر الانسانية والأخلاق، وجزاؤهم - لو كنا أولي قوة - هو أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يصلبوا في جذوع النخل أو يقتلوا شر تقتيل!
أتكلم اليوم وفي قلبي شعور بأنني مصري حتى الثمالة، يؤلمني ما يؤلمهم ويسعدني ما يسعدهم، هؤلاء الصناديد الذين قدموا دمائهم وأرواحهم وأقلامهم ومداهم فداء لقضايا هذه الأمة. الشعب المصري اليوم محكوم بقبضة من نار لا ترحم، تضرب بحقد وتقتل بحقد وتحكم بحقد، لم يبق شيء من الفضائل إلا ووطأته بقدمها، ولا شيء من الدنائس إلا وقبضت عليه لتحكم الناس به. حكومة تبيع الغاز لعدوها التاريخي بثمن بخس، وتحاصر غزة وتجوع شعبها الأبي. حكومة يفر تجارها من دماء الناس لأنهم مقربون من الحزب الحاكم، فمن قضية الدم الفاسد إلى عبارة الحجاج التي غرقت وعلى ظهرها أكثر من ألف حاج قضوا بسبب جشع تاجر أمن العقاب وما خشي الله في أرواح الناس.
خالد سعيد شاب مصري عمره ٢٨ عاما، اقتاده رجال شرطة الاسكندرية "الأشاوس" من مقهى للانترنت إلى المركز، ووسعوه ضربا مبرحا ثم ألقوا بجثته أمام منزله بعد أقل من ساعة من اقتياده. والصورة المرفقة تحكي كل شيء! فك مكسورة وأسنان مهشمة ووجه ممزق. ودماء تلطخ ذلك الوجه الذي كان يشع نورا. والذنب أنه كان يفضح ممارسات بعض رجال الشرطة المتاجرون بالحشيش ويعيد إرسال ملف فيديو إلى الأحرار من قرنائه. ولأن القانون معطل قام هؤلاء الجبناء بقتل هذا الشاب المسالم الأعزل كما قتلوا غيره كثيرون ممن حملوا أوطانهم على أكتافهم حرصا عليها.
هناك المئات من أمثال خالد سعيد على امتداد الوطن العربي، تقتلهم أنظمتنا المهترئة البالية بقوانينها التي تحمي رجالات الدولة من المساءلة والحساب، وتطلق العنان لرجال الأمن في التصرف كيف شاؤوا والتنكيل بمن أرادوا ما دام ولاؤهم للنظام قائم. هذه الأنظمة ما باتت تخشى من شيء، فسياطها ألجمت الناس، وإعلامها يجمل قبحها، وأموالها شرت به أقلام المثقفين والساسة والشعراء، وشح من يقف في وجهها مطالبا بحقوق الناس ودية شهدائهم. ولكن أبشركم بأن عمر الظالم قصير، وسيأتي اليوم الذي سنحصد فيه ثمار دماء خالد سعيد وإخوانه الأحرار. وأخيرا أقول:أيها الظالم كفاك حمقا فليس بين دعاءنا وبين الله حجاب!
اللهم ارحم خالد سعيد وكل من وقع فريسة الأنظمة الظالمة.